الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **
أول المحرم: استقر محب الدين محمد بن نجم الدين يوسف بن أحمد بن عبد الدايم التيمي المعروف بكاتب جانكلى صاحب ديوان الأمير قجا السلاح دار في نظر البيوت. وفي هذا الشهر: أمر - بإشارة الأمير صَرْغتمش - أن تضرب فلوس زنة الفلس منها مثقال فضرب منها عدة قناطير. ثم رسم أن يكون كل فلس من هذه الجدد بفلسين من العتق وكل رطل من الفلوس العتق بدرهم ونصف بعد ما كان الرطل منها بدرهمين. وركب والي القاهرة ووالي مصر ومحتسبيهما وأحمال الفلوس الجدد بين أيديهم. ونودي في الناس بأن يتعاملوا بها على ما ذكرنا. فاستمرت المعاملة بالفلوس الجدد واستقرت أربعة وعشرون فلساً بدرهم فضة. وعزل تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي عن قضاء دمشق واستقر عوضه بهاء الدين أبو البقاء محمد بن عبد البر السبكي الشافعي. واستقر جمال الدين محمود بن أحمد بن مسعود القونوي - المعروف بابن السراج الحنفي - في قضاء الحنفية بدمشق عوضاً عن شهاب الدين أحمد بن فزارة الكفري. واستقر شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي المالكي في قضاء المالكية بدمشق عوضاً عن جمال الدين المسلاتي. وأستقر شمس الدين محمد بن أحمد بن المخلطة في قضاء الإسكندرية عوضاً عن ابن الريغي. وفي يوم سار البريد بالقبض على الأمير طاز نائب حلب فبلغ الخبر طاز فسار من حلب في أصحابه كأنه يريد الحرب. وأخذ السلطان في تجهيز العساكر لقتاله فلما قارب دمشق أرسل إلى الأمير على النائب بأنه مملوك السلطان وفي طاعته وما قصدت إلا أن يصل أهلي إلى دمشق في سلامة من نهب العربان والتراكمين. وسلم نفسه فقبض نائب الشام على حاشيته وجهز سيوفهم إلى السلطان على العادة وحمل طاز مقيداً إلى الكرك فبطلت تجريدة العساكر ورسم بنقل طاز إلى الإسكندرية. وكتب باستقرار الأمير منجك في نيابة حلب عوضاً عن طاز. وتقدم مرسوم قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن جماعة بألا يشهد في المساطير المكتبة بمبلغ كبير من المال وفي صدقات النساء التي مبلغها كبير إلا أربعة شهود ولا يشهد على مريض بوصية إلا بإذن أحد القضاة الأربعة أو أحد نواب الشافعي. وفى يوم الخميس ثامن عشرين جمادى الآخر: صرف قاضي القضاة عز الدين بن جماعة عن القضاء واستقر عوضه الشيخ بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عقيل العقيلي فأبطل ما رسم به للشهود وفرق من مال الصدقات في الفقراء نحو الستين ألف درهم في أيام ولايته وفرق الفقهاء مائة وخمسين ألف درهم من وصية واستناب زوج ابنته سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقيني وتاج الدين بن سالم وغيره من أصهاره. وأنعم على الأمير شهاب الدين أحمد بن قشتمر حمص أخضر بإمرة مائة. وكثر في شهر رمضان إكرام السلطان للأمير صَرْغَتْمش وأمر فعمل له بثغر الإسكندرية قبانخ. فلما كان يوم الاحد تاسع عشره أصبح السلطان متوعك البدن فلما دخل عليه صَرْغَتْمُش ليعوده ألبسه القبانخ ونزل إلى داره. ثم صعد من الغد يوم الإثنين عشرينه إلى القصر على عادته وأمر ونهى على باب القصر وصرف أمور الدولة على عادته ثم دخل. فلما استقر به الجلوس وتكامل المركب تقدم الأمير طيبغا الطويل وقبض عليه وأعانه الأمير منكلى بغا ثم قبض على الأمير قشتمر القاعي حاجب الحجاب والأمير طقبغا صاروق الماجارى. وارتج القصر. بمن فيه فركب الأمير أحمد بن قشتمر في عدة من المماليك ولبس وهم آلة الحرب ووقف تحت القلعة فركب إليه الأمير عز الدين أزدمر الخازندار والأمير يلبغا الخاصكي والأمير تنكر بغا والأمير طيبغا الطويل والأمير منكلى بغا في طائفة من المماليك السلطانية وقاتلوه من بكرة النهار إلى العصر حتى هزموه ومن معه. وركب العامة أقفيتهم يرجمونهم بالحجارة ثم امتدت أيديهم إلى بيت الأمير صَرْغتْمش فنهبوه ونهبوا الحوانيت التي بالصليبة بجواره وتتبعوا العجم فإن صرغتمش كان يعنى بهم ونوه باسمهم وجعل مدرسته وقفاً عليهم. فكان يوماً مشهوداً عظيماً شناعته. واستمر الطلب على ابن قَشتَمُر حتى قيض عليه وعلى جماعته من أخر النهار فقيدوا وحملوا إلى الإسكندرية - وفيهم صرغَتمش - فسجنوا بها. وقبض على القاضي ضياء الدين يوسف بن أبى بكر محمد ناظر المارستان وأهين وأركب على حمار ثم نفي بعد ضربه بالمقارع عرياً ومصادرته. وعزل عامة من كان جهته صَرْغَتْمُش فعزل قطب الدين بن عرب من حسبة القاهرة واستقر عوضه الشيخ عبد الرحيم الإسنوي وعزل ابن عقيل عن قضاء القضاة بعد اثنين وثمانين يوماً وأعيد عز الدين بن جماعة في يوم الثلاثاء حادي عشرين شهر رمضان. وقبض على ناظر الخاص والجيش علم الدين عبد اللّه بن نقوله وصودر واستقر عوضه في نظر الخاص تاج الدين بن الريشة مضافاً إلى الوزارة. وفي نظر الجيش محب الدين محمد بن نجم الدين يوسف بن أحمد بن عبد الدايم. واستقر عوض محب الدين في نظر البيوت فخر الدين بن السعيد. قبض على جرجى الأدريسي ونفي في عدة من الأمراء. وأنعم السلطان على عدة من مماليكه بأمريات أنعم على مملوكه الأمير يلبغا الخاصكي بتقدمة ألف وعمله أمير مجلس عوضاً عن تنكز بغا. وأنعم على كل من الأميرين مَنكَلى بُغَا والأمير طَيبغا الطويل والأمير أندَمُر الشامي والأمير ألجَاي اليوسفي بإمرة مائة وتقدمة ألف. وعمل أيْدَمر الشامي داودارا وألحَا حاجباً ثانياً. وعمل الأمير عز الدين أزدمر الخازن دار أميراً كبيراً مكان صَرْغَتمش وولاه نظر المارستان المنصوري ونظر وقف الصالح إسماعيل بقية المنصورية. وأنعم على عدة من مماليكه أيضًا بأمريات ما بين طبلخاناه وعشرات. وفي يوم الأحد: المبارك ولد للسلطان ولد ذكر سماه قاسم وأعطاه إمرة مائة.ونقل الأمير مَنْجَك من نيابة حلب إلى نيابة الشام عوضاً عن أمير علي. ونقل أمير علي إلى نيابة حلب. وفيه خرجت تجريدة إلى برقة مع الأمير محمد باك القازاني. وفي هذه السنة: كثر اختصاص قطب الدين هِرْماس بالسلطان وصار يدخل عليه متى أراد بغير إذن ويدخل معه أيضاً زوج ابنته صدر الدين. وكانت بين الهندي سراج الدين عمر الحنفي وبين الهرماس منافرة فتقدم لقاضي القضاة جمال الدين عبد اللّه بن التركماني أن يعزله من نيابة الحكم فصرفه وهجره فأعرض عنه عامة فقهاء الحنفية. وفيه استقر التنيسي المالكي في قضاء الإسكندرية بعد وفاة ابن المختلطة وقدم الخبر بموت صرغَتمش في سجنه بالإسكندرية فكانت مدة سجنه شهرين واثني عشر يوماً. ومات في هذه السنة من الأعيان شرف الدين أبو البقاء خالد بن العماد إسماعيل بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن محمد بن خالد بن محمد بن نصر القَنسَراني بدمشق عن نيف وخمسين سنة. ومات الأمير الكبير سيف الدين صَرغَتْمش الناصري بسجن الإسكندرية مقتولاً في ذي الحجة. كان يكتب الخط الجيد ويشارك في الفقه على مذهب أبى حنيفة ويتعصب لمذهبه ويجل العجم ويختص بهم ويتكلم أيضاً في العربية ودبر أمر الدولة مدة. ومات أبو عنان فارس بن أبي الحسن علي بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق بن محيو بن جماعة المريني متملك المغرب وصاحب فاس. وتوفي فخر الدين أبو العباس محمد بن أحمد بن عبد الله بن المُختَلطَة قاضي الإسكندرية في يوم الجمعة سابع رجب. وتوفي شمس الدين بن عيسى بن حسن بن كر الحنبلي إمام أهل الموسيقى وله تأليف حسن في الموسيقى. ومات الأمير سيف الدين تَنْكِزبغا المارديني أمير مجلس وزوج أخت السلطان حسن ومات الأمير الطواشي صفي الدين جوهر الجَناحي مقدم المماليك وقد قارب المائة سنة. وتوفى شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم بن داود بن نصر الهكاري الكردي الدمشقي الشافعي بدمشق في ذي القعدة ومولده سنة خمس وثمانين وست مائة. حدث عن التقي الواسلي والشريف بن عساكر وتفقه وأفتى ودرس. وتوفى أمير المدينة النبوية الشريف مانع بن علي بن مسعود بن جاز بن شيحة الحسيني.واستقر بعد ابن عمه فضل بن قاسم في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين.وكثر تظاهره.بمذهبه. فلما قدم الحاج ولبس الخلعة على العادة وثب عليه فداويان قتلاه في أواخر ذي الحجة فثارت الفتنة بعد قتله وتأذى بها كثير من الحجاج. وتوفي إمام الحنابلة بمكة أبو عبد الله محمد بن محمد بن عثمان بن موسى الآمدي الحنبلي بعدما أم الناس ثلاثين سنة. ومات قتيلاً الأمير سيف بن فضل بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن غضينة بن فضل في ذي القعدة. وكان جواداً ولى إمرة آل فضل غير مرة. ومات الأمير مَلَكتمُر السعيدي في ثامن ذي القعدة.
|